أكدت مصادر فلسطينية مسؤولة لـ"النشرة"، أن القوى والفصائل الوطنية والإسلامية تبلغت رسمياً من الدولة اللبنانية قرارها ببدء جباية رسوم الكهرباء من المخيمات الفلسطينية في لبنان أسوة بالمواطنين اللبنانيين، وذلك في إطار خطتها لمواجهة التعديات وتحصيل الجبايةوتفعيلها بعد رفع رسومها، مع العزم بالمضي قدما بتحسين وزيادة ساعات التغذية في المرحلة المقبلة.
وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها التي تطال المخيمات (12 مخيماً رسمياً) والتجمعات الفلسطينية، بعدما كانت تتغذى من كهرباء الدولة دون أن يدفع أبناؤها رسوما منذ ما يقارب العقدين من الزمن، حيث كانت الدولة تحصل الفاتورة بواسطة مندوبيها قبل ذلك، وفي الوقت نفسه كانت المخيمات تعاني من التقنين القاسي بالتغذية (أكثر من باقي المناطق اللبنانية) وخاصة في المرحلة الأخيرة مع بدء الإنهيار الإقتصادي والأزمة المعيشية التي يترنح تحت وطأتها لبنان.
وقد تبلغ مسؤولو "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان (التي تعتبر القيادة السياسية الموحدة المعنبة بمتابعة كل قضايا المخيمات السياسية والامنية والخدماتية والحياتية)، هذا القرار خلال إجتماع عقد مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وأعضاء اللجنة الوزارية اللبنانية المعنية بمعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في السراي الكبير يوم الخميس الماضي، خصص لهذه الغاية، إلى جانب بحث سبل التنسيق ومتابعة القضايا المشتركة اللبنانية–الفلسطينية، والتعاون مع وكالة "الأونروا".
ونقل مسؤول فلسطيني شارك في الاجتماع أن رئيس "اللجنة" الدكتور باسل الحسن، تبلغ رسميا هذا القرار من وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، بقطع التغذية الكهربائية عن المخيمات وخيم النازحين السوريين، في حال لم تدفع ثمن التغذية الكهربائية، بعدما أعلن في مقابلة تلفزيونية (الأحد 20 تشرين الثاني) انه إذا "جبنا الكهرباء" سيدفع المواطن أقل من نصف تسعيرة اشتراك المولّد وسنضع عدادات على مداخل مخيمات اللاجئين لنعلم كميّة استهلاكهم للطاقة"، مؤكدا "في حال تخلفت مخيمات اللاجئين والنازحين عن الدفع، سيتم قطع التغذية"، مشيراً إلى "وجود قرار سياسي وتغطية سياسية لهذا الإجراء، وأنه تم الاتفاق على عقد لقاء بين الهيئة ومؤسسة كهرباء لبنان".
وأكد عضو "الهيئة" مسؤول "حزب الشعب الفلسطيني" في لبنان غسان أيوب لـ"النشرة"، أن موضوع الجباية طُرح في الإجتماع بل كان محوره الرئيسي، وجرى الإتفاق-من حيث المبدأ،على أن تدفع المخيمات ثمن الكهرباء، على قاعدة إلتزامنا بـ"إحترام سيادة وإستقرار وقوانين الدولة اللبنانية"، ولكننا لم نتفق على السبل الآيلة للتطبيق بعد، ويحتاج الأمر وقت وجهد وإلى فريق متخصص من الطرفين لدراسة سبل تحقيق ذلك"، مشيراً إلى أن "الدولة اللبنانية تدخل إلى كثير من المخيمات ويمكنها فعل ذلك بالتنسيق مع القوى واللجان الشعبية".
بالمقابل، أكدت اللجنة في بيانها الرسمي عقب الاجتماع على الآتي:
أولاً: أبدت الهيئة، بالنيابة عن الفصائل الفلسطينية، إستعدادها للتعاون مع أيّة آلية تراها الدولة اللبنانية، مناسبة لاستيفاء الرسوم المتوجبة على استهلاك الطاقة الكهربائية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، والتنسيق مع وزارة الطاقة لتطبيق أي قرار يصدر في هذا الشأن.
ثانياً: التأكيد المشترك على التزام الجانب الفلسطيني في لبنان موجبات الاستقرار والمصالح الحيوية اللبنانية، بما فيها ضمان الاستثمارات الأجنبية، والتعاون المطلق مع لجنة الحوار بما يؤدي إلى ثبات العلاقات اللبنانية الفلسطينية عند ثوابت التزام الجانب الفلسطيني احترام السيادة والقوانين والاستقرار اللبناني بكل مندرجاته.
وترى أوساط فلسطينية، أن هناك صعوبة في تطبيق الجباية على أرض الواقع على الرغم من كل التعاون والتنسيق، إن لجهة تركيب عداد عام لكل مخيم، ومن سيدفع الفاتورة، وكالة "الأونروا" او منظمة التحرير الفلسطينية او الفصائل؟! وإذا قُسمت على الناس بالتساوي سيكون فيها ظلمابين إستهلاك وآخر، أو لجهة تركيب عداد لكل منزل، إذ ان بعض المخيمات ما زالت محكومة بمعادلة الأمن والتراضي وبالتالي لا يمكن إلزام كل أبنائها، متسائلة عن موقف "الأونروا" ودورها في هذا المجال على إعتبارها المعنية برعاية شؤون اللاجئين وإغاثتهم حتى تتم العودة".
وترى، أن طرح هذه الأمر في هذا التوقيت بالذات، في ظل إستفحال الأزمة المعيشية اللبنانية وطول أمدها وتراجع خدمات "الأونروا" مع العجز المالي المتراكم، سيفاقم معاناة أبناء المخيمات وهم يعانون أصلاً من الفقر المدقع واليأس والإحباط على نحو يدفع بالمزيد من العائلات الى ركوب البحر والمخاطر بحياتها بحثا عن حياة كريمة بعد إنسداد أفق الأمل أمامها بشكل قاتم".
ويؤكد عضو "اللجنة الشعبية" في مخيم عين الحلوة عدنان الرفاعي لـ"النشرة"، أن "اللاجئين تحت سقف القانون ولكن يجب الأخذ بعين الإعتبار ظروفهم المعيشية وبأن 93% منهم تحت خط الفقر"، داعيا "الأونروا" إلى تحمل المسؤولية وتأمين الأموال من الدول المتبرعة لتسديد هذه الجباية"، قائلاً "يجب عدم تجزئة الحقوق والواجبات و"الحوار" يجب ألا يتحول إلى سلطة تنفيذية لتطبيق القرارات، اللاجئون يدفعون الرسوم والضرائب ولا يحصلون على كامل الحقوق".
وتتغذى أحياء المخيم وفق خطة شركة كهرباء لبنان من خطين (الفوقاني والتحتاني) بعدما كانوا بخط واحد جرى فصلهما قبل نهاية العام 2000، بينما هناك نحو 17 ألف وحدة سكنية و13 بئرا للمياه، إضافة الى مستشفيين ومستوصفات طبية ومراكز صحية ومساجد ومدارس وغيرها.
ويستذكر الرفاعي انه في تلك الفترة جرت محاولة من المدير الأسبق لشركة كهرباء لبنان الجنوبي المهندس عبد الرزاق الفتال لوضع عدادين للمخيم ولم تنجح بسبب عدم قدرة أبنائه على الدفع من جهة، وصعوبة وضع آلية للجباية داخله من جهة أخرى لان الامر يتطلب فريقا كاملا وسلطة للتطبيق، وإنتهت إلى إستعادة "عدادات الدولة"،بعدما بقي كثير من أبنائه يدفعون الرسوم الشهرية رغم عدم تشغيلها خشية أن تبقى على "حسابهم" مع غراماتها السنوية المتراكمة في حال أرادوا الحصول على "ساعة كهرباء" خارج المخيم في حال قاموا بإستئجار منزل أو شرائه.
يذكر أنه لم يسبق وأن دفعت وكالة "الاونروا" أو "المنظمة" رسوما عن كهرباء المخيم شهرية كانت أو سنوية، وبقيت تغذية المخيمات بالتيار الكهربائي في السنوات الأخيرة مجانا على نفقة الدولة جراء الواقع الخاص بالمخيمات والمتربط بالقضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي الذي سبب اللجوء القسري، وأُعتبرت مساهمة منها في تخفيف المعاناة عن أبناء المخيم الذين يدفعون رسوما عن باقي الخدمات، بإستثناء المياه إذ يتغذون من آبار خاصة بهم تشرف عليها وكالة الأونروا".